العدالة الترميمية وعدالة الأحداث

من المعروف ان العدالة هي ركن أساسي من أركان السلام الاجتماعي. لكن مفهوم تأمين العدالة تطور عبر الزمن فتحول تعريف العدالة من الثأر الشخصي إلى العدالة العقابية التي تحرص الدولة على تأمينها والتي ما زالت تعتبر الطريقة الأكثر شيوعاً لتأمين العدالة. لكن العدالة العقابية ترتكز على مجرد معاقبة الجاني، وقد أثبتت أكثر من دراسة أن هذا النوع من العدالة لا يؤمن الجو المناسب للضحية كي تتخطى أزمتها، ولا يعطي فرصة حقيقية للجاني ليستوعب خطأه ويندم على فعلته فيحاول التعويض على الضحية وينخرط مجدداً في المجتمع بعد أن يتحمل مسؤولية ما ارتكب. وقد أدت هذه العيوب التي تشوب العدالة العقابية إلى ظهور مفهوم جديد للعدالة هو مفهوم العدالة الترميمية. يعتبر مناصرو هذا المفهوم الترميمي للعدالة، أن مفهوم العدالة العقابية يعرف الجريمة على أنها مجرد خرق للقانون، وبالتالي يركز على الجريمة التي ارتكبت بدلاً من التركيز على إصلاح ما نتج عنها وهو ما تقوم به العدالة الترميمية من خلال إعطاء الأولوية للإصلاح وليس للعقاب أي للمستقبلوليس للماضي، وذلك من خلال برامج مختلفة أساسها الحوار بين الجاني والضحية.

لقد حاولت من خلال هذا الكتاب، إعطاء فكرة أولى عن العدالة الترميمية للقراء والباحثين والحقوقيين العرب بما أنه لم يسبق لأي كتاب أن تناول هذا الموضوع باللغة العربية.

هذا الكتاب يجمع التعاريف والتجارب المختلفة والمأخوذة من عدد من المراجع الكندية والأميركية والأوروبية. ويهدف إلى عرض هذه التجارب على المسؤولين من حقوقيين وبرلمانيين عرب فيدرسونها ويختارون ما يصلح منها للتطبيق في مجتمعاتنا العربية لما في ذلك من مصلحة المواطنين والشعوب العربية.